في هذه اللحظات، يمكن لدعمك أن يكون الفرق بين الشعور بالوحدة والراحة النفسية. كيف يمكنك أن تكون هذا الصديق الذي يحتاجه؟
الاستماع الجيد
الاستماع الجيد هو أول وأهم خطوة في دعم الشخص الذي يمر بأزمة. في كثير من الأحيان، يحتاج الشخص المتألم إلى شخص يستمع له دون الحكم عليه أو محاولة فرض رأي.
عندما تقدم الاستماع الحقيقي، يشعر الشخص بأنّه مفهوم ويمكنه التعبير عن مشاعره بحرية. لا تقتصر هذه العملية على سماع الكلمات فقط، بل تتعلق أيضاً بالانتباه إلى لغة الجسد والتعابير الوجهية. تجنب المقاطعة أو محاولة تقديم حلول فورية.
في بعض الأحيان، يكون أفضل ما يمكنك فعله هو أن تكون موجوداً للاستماع بصمت. عندما يشعر الشخص أن مشاعره محترمة، يصبح أكثر استعداداً للتعامل مع الأزمة التي يمر بها. كما أن الاستماع الجيد يعزز الثقة بينك وبين الشخص، مما يجعل العلاقة أكثر قوة وصدقاً.
يمكنك التعبير عن تعاطفك من خلال كلمات بسيطة مثل "أفهم كيف تشعر" أو "أنا هنا إذا كنت بحاجة للحديث".
إظهار التفاهم والتعاطف
إظهار التفاهم والتعاطف هو جزء أساسي من دعم الشخص في أزمته. من الهامّ أن يشعر الشخص أنّك تدرك تماماً ما يمر به، حتى لو لم تتمكن من فهم كل تفاصيل تجربته.
يمكن للتعبير عن التعاطف أن يكون بسيطاً، لكنّه مؤثرٌ، مثل قول: "أعلم أن هذا الوقت صعب" أو "أتفهم كم هو محبط ما تمر به". تُظهر هذه العبارات للشخص أنّه ليس وحده في معركته. الهدف هو أن يشعر الشخص أن مشاعره صحيحة ومقبولة، وأنّه لا يُحكم عليه. في هذه اللحظات، يحتاج الشخص إلى من يُظهر له الدعم العاطفي دون انتقاد أو توجيه. يمكن أن تكون الابتسامة اللطيفة أو نظرة العطف أكثر فاعلية من الكلمات.
لا يعني التعاطف تقديم حلول فورية، بل يعني أنّك تقف إلى جانبه في محنته وتمنحه شعوراً بالراحة والقبول. هذه التفاعل البسيط يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في كيفية مواجهة الشخص للأزمة.
الابتعاد عن تقديم النصائح غير المرغوب فيها
من الهامّ أن تتجنب تقديم النصائح غير المرغوب فيها، خصوصاً إذا لم يُطلب منك ذلك. في أوقات الأزمات، قد يكون الشخص في حالة من الحيرة أو الارتباك، وقد لا يكون مستعداً لسماع حلول مباشرة أو تحليلات. بدلاً من محاولة حل مشكلته، ركز على دعم مشاعره واحتياجاته العاطفية.
في بعض الأحيان، يكون الشخص بحاجة فقط إلى من يشاركه مشاعره ويمنحه مساحة للتعبير عن نفسه. تقديم نصائح قد يشعر الشخص أن مشكلته تُستهين أو أن مشاعره غير هامّة. لذلك، من الأفضل أن تظل صامتاً إذا كان ذلك ما يحتاجه الشخص في تلك اللحظة.
إذا طلب نصيحتك، يمكنك حينها أن تقدم ما تراه مناسباً، ولكن بطريقة غير مُلحّة أو مُعتمدة على فرض رأيك. إنّ الاحترام الكامل لمشاعره وأزمته هو ما سيُشعره بالأمان والراحة. تذكّر أن الدعم العاطفي لا يعني تقديم حلول، بل مجرد الحضور والمساندة في الأوقات الصعبة.
المشاركة في الأنشطة المريحة
المشاركة في الأنشطة المريحة يمكن أن تكون طريقة فعالة لتخفيف الضغط النفسي عن الشخص الذي يمر بأزمة. في أوقات الحزن أو التوتر، قد يشعر الشخص بالعجز أو الانعزال. لكن من خلال تشجيعه على القيام بأنشطة تهدئ الأعصاب، يمكن أن تقدم له فرصة للهروب المؤقت من مشاعره السلبية.
يمكنك دعوته لممارسة الرياضة الخفيفة أو الخروج للتنزه في الهواء الطلق. تساعد هذه الأنشطة على تحسين المزاج وتقليل التوتر. حتى الأنشطة البسيطة مثل مشاهدة فيلم معاً أو الذهاب لمقهى قد توفر له شيئاً من التسلية والراحة.
كما أنّ الأنشطة الجماعية تُظهر للشخص أنّه ليس وحيداً في معركته. لا تقتصر المشاركة على أنشطة ترفيهية فقط، بل يمكن أن تشمل أيضاً المشاركة في لحظات هادئة، مثل القراءة معاً أو الاستماع إلى الموسيقى. هذه الأنشطة البسيطة توفر فرصاً للتواصل وتعزز من شعور الشخص بالأمان والدعم.
شاهد بالفيديو: صفات الصديق الحقيقي
التواصل المستمر
يُعد التواصل المستمر عنصراً حيوياً في دعم شخص يمر بأزمة. في كثيرٍ من الأحيان، قد يشعر الشخص المعني بالعزلة أو الوحدة، مما يزيد من مشاعره السلبية.
لذلك، من الضروري أن تبقى على اتصال منتظم لتطمئنه بأنّك حاضر من أجله. حتى إذا كانت المكالمات أو الرسائل قصيرة، فإنّ تواصلك يوضح له أنّه ليس وحده.
قد تكون رسائل نصية بسيطة أو مكالمات هاتفية مفيدة للغاية، خاصة في أوقات الليل أو أثناء فترات الهدوء. في بعض الأحيان، قد لا يحتاج الشخص إلى كثيرٍ من الكلام، ولكن مجرد أن يشعر بوجودك يجلب له الراحة.
التحقق من حالته دورياً يعزز الثقة ويمنح الشخص شعوراً بالاطمئنان. يُظهر هذا النوع من التواصل المستمر التزامك ودعمك، مما يخفف من أثر الأزمة ويُسهل عليه التكيف مع مشاعره.
مساعدة الشخص في اتخاذ خطوات عملية
إنّ مساعدة الشخص في اتخاذ خطوات عملية يمكن أن تكون من أبرز أشكال الدعم أثناء الأزمات. عندما يواجه الشخص مشكلة كبيرة، قد يشعر بالعجز أو الضياع، مما يجعل من الصعب اتخاذ أي قرارات. هنا يأتي دورك في مساعدته على تحديد أولويات خطواته القادمة.
بدلاً من تقديم الحلول الجاهزة، حاول مساعدته في تقسيم المشكلة إلى أجزاء صغيرة يمكن التعامل معها. على سبيل المثال، إذا كان يواجه تحديات مهنية، يمكنك مساعدته في وضع خطة بسيطة أو تحديد أهداف صغيرة قابلة للتحقيق. تُعطي هذه الخطوات الصغيرة الشخص إحساساً بالسيطرة، وتخفف من الضغط الناتج عن الأزمة.
لا يعني الدعم هنا اتخاذ القرارات بدلاً منه، بل يشمل تقديم الإرشاد والمساعدة في التفكير المنطقي. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك مساعدته في البحث عن موارد إضافية مثل الاستشارات أو المساعدة القانونية، مما يتيح له فرصة التعامل مع المشكلة من زاوية أوسع وأكثر تنظيماً.
الصبر في التعامل مع التغيرات العاطفية
يُعد الصبر في التعامل مع التغيرات العاطفية أحد العناصر الهامّة لدعم الشخص الذي يمر بأزمة. في هذه الفترات، قد يمر الشخص بتقلبات مزاجية شديدة، تتراوح بين الحزن العميق والقلق الشديد أو حتى الغضب.
من الضروري أن تكون صبوراً ومتفهماً؛ لأنّ مشاعر الشخص قد تتغير بسرعة، وهذا جزء طبيعي من عملية التعافي. بدلاً من محاولة تصحيح مشاعره أو تهدئته بسرعة، قدم له الدعم والاحترام خلال كل مرحلة يمر بها. إذا كان يعبّر عن مشاعر سلبية أو غير مريحة، فلا تأخذها شخصياً، بل حاول أن تظهر له أنّك تقبل كل جزء من مشاعره.
قد يتطلب الأمر وقتاً طويلاً حتى يعود الشخص إلى حالته الطبيعية، لذلك يجب أن تظل حاضراً بدون ضغط أو توقعات. استمر في تقديم الدعم الهادئ والمستمر، فهذا يعزز العلاقة ويمنح الشخص الأمان لمواجهة تحدياته العاطفية ببطء.
شاهد بالفيديو: 7 أنواع من الأصدقاء ابتعد عنهم تماماً
أخطاء في دعم شخص في أزمة
أثناء محاولة دعم شخص في أزمة، قد نرتكب بعض الأخطاء التي قد تؤدي إلى زيادة معاناته أو شعوره بعدم الراحة، ومن هذه الأخطاء ما يلي:
1. التسرع في تقديم الحلول
قد يشعر الشخص المتألم أن محاولاتنا لتقديم نصائح سريعة تهدف إلى حل المشكلة فوراً، مما يجعله يشعر بأن مشاعره ليست مفهومة أو أن أزمته غير هامّة. الشخص في تلك اللحظة يحتاج إلى الاستماع والتعاطف أولاً، وليس إلى حلول سريعة قد تكون غير مناسبة للوضع.
2. التقليل من حجم المشكلة
قد نقول أحياناً أشياء، مثل "هذه ليست نهاية العالم" أو "سيصبح كل شيء على ما يرام"، في محاولة لتخفيف القلق. لكنّ مثل هذه العبارات، قد تؤدي إلى إحساس الشخص بعدم احترام معاناته، مما يعمق شعوره بالوحدة. يجب أن نتذكر أن كل أزمة لها وزنها الخاص لدى الشخص الذي يعاني منها.
3. تقديم النصائح أو المشورة غير المطلوبة
في بعض الأحيان، نعتقد أننا نساعد بتوجيه الشخص نحو قرارات محددة، لكن في الواقع قد يشعر الشخص بأننا نضغط عليه أو نتدخل في خياراته. الدعم يجب أن يكون في الأساس في الاستماع والمساندة، وليس فرض الرأي.
إقرأ أيضاً: مفهوم الصداقة عند الفلاسفة وأهم النصائح لتحافظ على صداقاتك
4. غياب التواصل المستمر
قد نعتقد أن الدعم العاطفي لا يتطلب التواصل المنتظم، لكن غيابنا قد يشعر الشخص أنّه وحيد في محنته. الدعم المستمر والاطمئنان الدوري يعزز من شعور الشخص بالأمان ويساعده في التعامل مع الأزمة.
في الختام
يكون الدعم الحقيقي في الحضور المستمر والاهتمام الصادق؛ إذ يظهر الصداقة القوية في الأوقات الصعبة، عندما يحتاج الشخص إلى من يقف إلى جانبه. من خلال الاستماع، والتعاطف، والصبر، يمكنك أن تكون الدعامة التي يحتاجها الشخص لتخطي الأزمة.
أضف تعليقاً